 |
| تكوّن بلورات حيّة في أعماق البحار |
تعتبر البيولوجيا مصدر إلهام دائم لنا عند التأمل في خلق الله، فهي تعكس قدرة الخالق الذي أبدع كل شيء بإتقان. تثير البيولوجيا فضولي يوميًا، حيث ألاحظ أهمية أن يأخذ البشر لحظة للتأمل في الأنشطة الخلوية والسلوكيات الحيوانية البدائية في بيئاتها، بعيدًا عن تصوراتنا، ولكن بتصميم وإتقان متفردين.
البيولوجيا تثير الفضول: تكوّن بلورات من خلايا نجم البحر
تُعد البلورات النشطة هياكل مرتبة بشكل متميز، تتميز بتراكيب ذاتي للأجسام المتحركة، وقد تم بحثها بشكل موسع في المواد الجامدة والبكتيريا. ومع ذلك، ما زال هناك غموض حول ما إذا كان النظام البلوري المستمر بإمكانه أن يظهر في الكائنات الحية متعددة الخلايا خلال نموها.
غموض في الكائنات الحيّة: تكوّن بلورات من خلايا نجم البحر
في إطار هذا البحث المثير، توضح النتائج أن أجنة نجوم البحر السابحة تتجمع تلقائيًا في بلورات تتكون من آلاف الخلايا الجنينية الحية، التي تبقى في حالة دوران لعدة ساعات. من خلال الدمج بين التجارب والنظريات والمحاكاة، استطاع الفريق البحثي أن يثبت أن تكوين وديناميكيات وانحلال هذه البلورات الحية تخضع لخصائص هيدروديناميكية وتطور طبيعي للأجنة.
تظهر أجنة نجوم البحر وهي تدور في تشكيل يشبه الكريستال الحي، حيث تدور الخلايا الجنينية الصغيرة كما لو كانت نقاطًا جيلاتينية. وتظهر الحركة في الماء بشكل يعطي دورانًا مثاليًا في اتجاه عقارب الساعة، مما يعزز القوة التي تجذب جيرانها من الخلايا الجنينية المتشابهة. وعندما يجتمع عدد كافٍ منها، تتنظم هذه الرقصة المتزامنة في أنماط دقيقة سداسية الجوانب، مرتبة ومتكررة، تشبه بوضوح توزيع ذرات الكربون في بنية بلورية من الجرافين.
لكن هنا، لا نتحدث عن ذرات أو مواد جامدة تحكمها قوى الفيزياء فقط، بل عن أجنة حية من نوع Patiria miniata. حيث صرحت نيكتا فخري، عالمة الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لمجلة Nature: "نعلم أن لدينا بلورات من العديد من المواد، لكننا لم نربط أبدًا تكوين الكريستال بمكونات حية، حيث تمثل هذه الظاهرة حالة رائعة لم تُسجل من قبل."
النشاط الحيّ يغيّر قواعد فيزياء المواد الصلبة
في هذا الصدد، يقوم فخري وزميلها Tzer Han Tan وزملاؤهم في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بدراسة المادة النشطة، وهي الأنظمة التي تعتمد على كل مكون حي (كطائر في سرب أو خلية في قطرة ماء) ليمد الطاقة للحفاظ على توازن المجموعة مع بيئتها.
كما هو معروف في المواد الجامدة، تستطيع أنظمة مثل الخلايا الجنينية لنجم البحر أن تمتلك خصائص غير تقليدية مثل تكوين "بلورات" من مادة حية.
في حالة نجوم البحر، اكتشف الباحثون أن كل جنين يدور في اتجاه عقارب الساعة باستخدام أهدابه الشبيهة بالشعر. وعند تجمع عدد كافٍ من الخلايا الجنينية على سطح الماء، تبدأ التموجات العفوية بالتدفق عبر الهيكل، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل كتلة جنينية تأخذ شكل البلورة.
بلورات حيّة في الماء: تكوين سحري يغيّر من فهمنا للعالم
ولقد صرح ألكسندر ميتكي، عالم الفيزياء الحيوية النظرية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤلف الدراسة: "يمكننا أن نرى هذه البلورة تدور وتهتز لفترة طويلة، وهو أمر غير متوقع تمامًا. توقعنا أن تختفي هذه التموجات بسرعة، لكن هذا الأمر لم يحدث، مما يدل على أن هذا النظام من خلايا نجم البحر الجنينية يمتلك سلوكًا مرنًا مبرمجًا وغريبًا لم يُسجل من قبل."
قام الباحثون بتطوير نموذج كمبيوتر لمحاكاة حركات الأجنة لرؤية كيف يسحب دورانهم الماء نحوهم ومعه جيرانهم من الخلايا، مما ينشئ قوة جذب متبادلة. وقد وجدوا أن هذا الماء، الذي يتدفق لأسفل، يولد أيضًا قوة أفقية غير متبادلة داخل النظام، مما يؤدي إلى دوران الهيكل البلوري بأكمله.
وهذا أمر غريب، لأنه وفقًا للقوانين الكلاسيكية للفيزياء، فإن مجرد تشويه جسم صلب معزول، مثل بلورة تعوم في الماء، يتوقف عن إمداد الطاقة. لكن إذا كان الكائن يتكون من مكونات حية نشطة، فإن لهذا التحول الكلي في الشكل خصائص ميكانيكية جديدة تختلف عن تلك المعروفة في فيزياء الجوامد.